بين برلين وغزة وفارق المساعدات الجوية
07 Aug 2025

قبل 77 سنة وتحديدا في عام 1948 قام الاتحاد السوفيتي بحصار برلين البالغ عدد سكانها آنذاك 2.5 مليون نسمة، وذلك بسبب عدم استشارة الروس في إصدار عملة جديدة باسم المارك الألماني.

 

تلك الحادثة شكلت بداية الحرب الباردة بين الروس والغرب حلفاء الأمس في الحرب العالمية الثانية 1939-1945.


وبعد يومين فقط من حصار الروس لبرلين بدأت الفوضى تطل برأسها وأصبح الألمان يحرقون أثاثهم للطهي والتدفئة لكن لم تظهر بوادر مجاعة.


 *إقامة جسر جوي إلى برلين* 


 بسرعة كبيرة قامت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وكندا واستراليا نيوزيلندا وغيرها من الدول بإرسال طائرة مساعدات إنسانية كل 30 ثانية في الذروة تهبط بين ثلاث مطارات داخل برلين، واستمر تدفق تلك المساعدات سنة كاملة حتى تم إفشال الحصار.


نتحدث عن ألمانيا التي كانت بالأمس نازية وبلغ عدد أفراد الحزب النازي 8 مليون نسمة أي أن برلين بها عشرات الآلاف من النازيين ومناصريهم ورواسب تأثيرات الفكر النازي لازالت متغلغلة داخل المجتمع.


لقد شملت المساعدات الإنسانية كل ما يحتاجه الجسم من غذاء ودواء وتدفئة وقد ساهمت هذه المساعدات في منع حدوث مجاعة.


 *في غزة لماذا يسمح الاحتلال بالمساعدات الجوية؟* 


لا يُخفي الاحتلال نيته ولا أفعاله فاستمر في إتمام تدمير مدن القطاع ويستكمل مهامه في تدمير أجساد السكان.


 وفي خضم تلك السياسة ومع تزايد ضحايا التجويع في القطاع بدأ بالاستعراضات والتظاهر للعالم بالاستجابة دون تغيير فعلي للواقع خاصة وأن طلعات الطائرات نادرة جدا وكأنها لالتقاط الصور.


إضافة لما سبق فإن معظم الطائرات حمولتها ثمانية مظلات أي ثمانية مشاطيح -قواعد خشبية- بما يمثل 20٪ من حمولة شاحنة دون قاطرة، كما انها تواجه صعوبات كثيرة أهمها اكتظاظ خيام النازحين.


وتعقيدات المساعدات الجوية كثيرة فلا توجد مطارات أو دعم لوجستي أو ترتيب للتوزيع والتكلفة المالية تفوق تكلفة الشاحنة بــ30 مرة، كما أنها تهدف إلى تأبيد الفوضى ونشر الهلع وراء سراب لا يمثل إلا نقطة في صحراء قاحلة بفعل المحتل.


لقد تم رسم سياسة الإنزال الجوي كجزء من استدامة التجويع وإدارة الأزمة ولا يفتح أفقا لحل الأزمة بل تفاقمها وتكرسها.


كما أنها تصب في صميم سياسة الحرب على غزة وعملية التفاف على موضوع طلب فتح المعابر، فالإنزال الجوي لا يحتاج فتح معابر مما يحافظ على سياسة الحصار في ظل التجويع.


كما أنها ذر الرماد في العيون أمام المحاكم الدولية ومجلس الأمن والإعلام والسوشيال ميديا وتزويدهم بصور استعراضية غرضها التضليل.


والأهم مما سبق إعطاء فرصة اضافية للجيش للتركيز في الإبادة الجماعية وعدم إضاعة وقت في الاستحواذ على المساعدات واستخدامها كسلاح للفوضى وتدمير السكان. 


 كل الدول التي تحاول إنزال المساعدات مشكورة لكن يجب أن تقوم بعمل مراجعات فما يجري من انزال مساعدات جوية نادرة قد تساعد قليلا لكنها لا تعكس الحقيقة بل تصب في رواية الاحتلال وسياساته وإلا لماذا تسمح بها وتعطل آلاف الشاحنات على الحدود وتغلق المعابر وتمنع المؤسسات الإنسانية الدولية؟