ورقة سياسات| تقدير موقف| اوراق وتقارير

المقاومة أمام مفترق حاسم – خيارات الصفقة الجزئية أو الشاملة قبيل انتخابات إسرائيل

26 Aug 2025

أولًا: تمهيد


تدخل المقاومة الفلسطينية مرحلة مفصلية في ظل اشتداد الأزمة الإنسانية في غزة، وتزايد الضغط الدولي والإقليمي للتوصل إلى تسوية أو هدنة. في المقابل، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديًا داخليًا يتمثل في احتمالية الدعوة إلى انتخابات مبكرة مطلع 2026، وهو ما يفرض على المقاومة قراءة دقيقة لمعادلة “الحرب – التفاوض – الانتخابات” لتجنب خسارة أوراقها الاستراتيجية.


ثانيًا: محددات الموقف الراهن

1. الوضع الإنساني في غزة: ضغط شعبي ودولي متصاعد يفرض على المقاومة التفكير في خيارات تخفيفية.

2. الوضع السياسي في إسرائيل: احتمالية انتخابات مبكرة تعني أن أي صفقة الآن ستُوظف انتخابيًا.

3. شروط الكابينيت الخمسة: صهينة القطاع ونزع سلاح المقاومة – وهو ما ترفضه حماس بالكامل.

4. الأسرى: الورقة الاستراتيجية الأهم التي تمسك بها المقاومة.


ثالثًا: السيناريوهات المحتملة


السيناريو الأول: صفقة شاملة بشروط نتنياهو

• الوصف: تشمل جميع الأسرى مقابل ترتيبات أمنية وسياسية تضمن بقاء السيطرة الإسرائيلية على غزة بأشكال مختلفة.

• المعقولية: ضعيفة (نتنياهو يطرحها لتحسين موقعه، لكن المقاومة لن تقبل بالشروط).

• التوصيات:

1. رفض أي صيغة تنزع سلاح المقاومة أو تُبقي وصاية إسرائيلية مباشرة.

2. إدارة خطاب إعلامي يوضح أن المقاومة معنية بالحل الإنساني لكن دون “صهينة القطاع”.

3. الاستعداد لمرحلة تصعيد سياسي وإعلامي في حال تحميل المقاومة مسؤولية إفشال الصفقة.


السيناريو الثاني: صفقة جزئية إنسانية – لمدة شهرين

• الوصف: هدنة قصيرة مع إطلاق دفعة من الأسرى وتخفيف الحصار، بالتزامن مع ترقب مسار الانتخابات المبكرة.

• المعقولية: عالية (الأكثر توازنًا ويمنح المقاومة وقتًا استراتيجيًا).

• التوصيات:

1. القبول بصفقة جزئية محدودة زمنيًا بشروط واضحة.

2. الاحتفاظ بجزء مهم من الأسرى كورقة ضغط انتخابية.

3. استخدام الهدنة لإعادة التموضع الميداني وتنظيم الوضع الداخلي في غزة.

4. تعزيز التواصل مع مصر وقطر لضمان استدامة الضمانات.


السيناريو الثالث: تجميد المفاوضات وانتظار الانتخابات

• الوصف: امتناع حماس عن أي صفقة والاحتفاظ بكافة الأسرى حتى اتضاح مصير الانتخابات.

• المعقولية: متوسطة (يوفر أوراق قوة لكنه يفاقم الوضع الإنساني ويعرّض المقاومة لحملة اتهامات دولية).

• التوصيات:

1. الاستعداد لحملة ضغط عسكرية واقتصادية إسرائيلية أشد قسوة.

2. الاستثمار في تدويل قضية الحصار والأسرى داخل المؤسسات الدولية.

3. رفع مستوى الخطاب السياسي عن أن الاحتلال يرفض الحلول الجزئية الإنسانية.

4. إدارة الميدان لتقليل كلفة التصعيد على المدنيين.


السيناريو الرابع: انتخابات مبكرة تسقط اليمين

• الوصف: سقوط نتنياهو واليمين وصعود حكومة وسط/يسار أكثر استعدادًا لتسوية سياسية شاملة.

• المعقولية: متوسطة – مرهونة بتوحّد المعارضة الإسرائيلية وتصاعد السخط الشعبي.

• التوصيات:

1. الحفاظ على أوراق الأسرى حتى ما بعد الانتخابات.

2. الاستعداد للتعامل مع حكومة إسرائيلية جديدة بمقاربة “تسوية مشروطة”.

3. الاستثمار في الانقسام الداخلي الإسرائيلي لتأجيل الحسم الأمني في غزة.


الخلاصة


المقاومة أمام مفترق استراتيجي. السيناريو الأكثر معقولية وقابلية للتحقيق في المدى القريب هو الصفقة الجزئية (سيناريو 2)، لأنها تمنح المقاومة وقتًا ثمينًا حتى تتضح صورة الانتخابات الإسرائيلية، وتحافظ على أوراق القوة، وتخفف من الكارثة الإنسانية في غزة. أما السيناريوهات الأخرى فإما مكلفة إنسانيًا (تجميد المفاوضات)، أو غير واقعية سياسيًا (صفقة شاملة بشروط نتنياهو).


📌 التوصية النهائية: على المقاومة المضي بصفقة جزئية قصيرة المدى، مع الاحتفاظ بأوراقها الاستراتيجية للانتخابات المقبلة، واستثمار أي تبدل داخلي في إسرائيل لصالح مشروع التحرر الوطني