بين النكبة والنزوح يحضر أيَار
12 May 2025

لم يكن في الإمكان للجيل الذى لم يذق ويلات النكبة والتهجير أن يشعر بمرارتها واقعاً معاش بكل تفاصيله كما عاشها كل غزي بعد حرب أكتوبر 2023 بصورتها الأعمق والأقسى. ففي عهد ليس بالبعيد   كنا نحاول أن نستشعر مرارة النكبة وقسوة النزوح وأغلب شعورنا بها كان يترجم بمقال أو لربما حضور فعالية أو بوست يتم نشره عبر السوشيال ميديا ولم نتوقع أن نمارسها فعلياً و أن نحياها بشكلها العملي بقسوة أشد وتوثيق أعلى كل منا له ذكري في حضرة أجداده وهم يروون  له كم كان إرهاب  المحتل يتخطى كل حدود الإنسانية  حينما ارتكب المجازر وقتل الأبرياء هجّر السكان.           فقد تركو حصادهم وخزين مونتهم بيوتهم العامرة بالحياة محاصيلهم مقتنياتهم خرجوا مصدقين عدوهم أن عودتهم قريبة مجبرين بأمر من خوفهم على ترك بيوتهم الآمنة تحت نيران القصف ليسكنوا قطعة قماش في مكان بعيد لا تقييهم حر الصيف ولا برد الشتاء وما أشبه اليوم بالأمس وبعد 77عام على نكبتنا الأولى تمر الذكرى الأولى لنزوح سكان مدينة رفح بعد عام من تدميرها واحتلالها وافراغها من سكانها.

  وكأن  أيار هو الموعد  الرسمي لكل نكبة و نزوح فنكبة الشعب وخروجه من أرضه تماما كخروج الروح من الجسد بلا وعي للقادم تاركين خلفهم كل شيء وطن وتاريخ فيهدأ ضجيج  المدن ولا يسمع فيها إلا أصوات النسف والخوف ولا يزال العدو يهد أركان كل فلسطيني ففي ذكرى جديدة لنكبة كانت في العام 1948  تعود والجوع ينهش أحشاء الفلسطيني كما ينهش الاستيطان أرضه مجازر وأطنان القتل المستمرة تهبط على أمن البيوت فينتقل الشهداء بالجملة لا أمن ولا أمان ولا أفق واضحة لانتهاء المقتلة كيان مستمر في تدمير بوابة الجنوب وتدمير كل وجود فلسطيني مع تأييد العالم لإجرامه وتعاليه لاغياً فكرة حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقه الثابت بالأرض والتاريخ محاولاً ترويج كونه ضحية يدافع عن أمنه وحدوده المسروقة بعد عام وأكثر على الطوفان ومع زيادة حدة العنف ضد الأبرياء من أطفال ونساء ومقدمي خدمات إنسانية ومنشئات مدنية وصحية وملاحقة لكل من يحاول سد احتياج شعب أنهكه الجوع والتشرد والحرمان ومستمراً في فرض سياسة العربدة وتقسيم العالم لفريقي شر وخير من وجهة نظره مدعياً لنفسه الخيرية الكاملة برغم كل الشهادات والصور الموثقة التي تثبت نازيته وإجرامه بحق الأبرياء بين مقترحات وقف المقتلة وبين صمود الناس أملاً في النجاة وطموح كبير بزوال كيان كان سبب كل عذابات شعب لم ينسى أرضه ولم يزيف تاريخه ولم يرضى بحياة محتله برغم كل محاولات كبح جماح ثورته ومناداته بحقه المشروع حلم من هجروا خارج الحدود وأمنيات من تسلب أرضهم بالألاف يومياً ومن تمارس عليهم أقذر حروب الأرض نكبة شعب مستمرة لسبعة عقود وأكثر لم تنل من إصراره ولم توهن حلم عودته وخلاصه من المحتل .

يحضر أيار2025 في خضم المقتلة الممارسة ضد كل ما هو فلسطيني بين مقترحات زائفة وجهود فقط لمحاولة ادخال كسرة خبز وقطرة ماء لجمهور الجوعى الذين مضى على مجاعتهم شهور واستخدام قذر لسلاح التجويع بصمت لم يعد مستغرب من العالم طالما يؤيد وجهة نظر الجاني ويحاكم الضحية يحاول المحتل أن يعيد للأذهان بعد مشهد الخيام واللجوء الذي نعيشه منذ عام وأكثر فكرة الإذلال من خلال تقطيع أواصر المدن وزرع الموت والإرهاب و فرض معايير الإذلال  للحصول على حقهم الطبيعي في  الغذاء  وفق شروطه بتأكيد صارخ للنزعة الاستبدادية المتجذرة فيه وفي أفق غائم لا يتضح فيه مآلات الأمور فالحلول تكاد تكون معدومة في ظل تعنت الاحتلال ورفع سقف مطالبه للقضاء التام على مقاومة شعب عاني منذ عقود من كارثة اقتلاعه من أرضه وتاريخه وكل حقوقه في الحياة .

ولاتزال أعداد الشهداء في ازدياد والمجازر المرعبة مستمرة واختطاف غزة بعيدة عن العالم ومحاولة عقابها بتدمير مقدراتها وبنيتها التحتية والتضييق على أهلها بمنع ادخال المستلزمات الصحية والوقود والغذاء ورفض واضح من دولة الكيان للسماح للفلسطيني أن يعبر عن رفضه المشروع عن الظلم الذى يعانيه وحقه في استعادة أرضه ومنع القتل الممارس عليه فبين النكبة القديمة والنكبة الجديدة تزداد الرغبة من داخل كل فلسطيني للتخلص من سبب هذه النكبات وهذه الويلات في مستقبل قريب جداً فلا مجال بعد اليوم للاحتمال أكثر ......               


المواضيع ذات الصلة
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
مفهوم المقاومة الفلسطينية وطوفانها
07 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
طوفان الأقصى عامان من الوعي المقاوم إلى ميلاد مرحلة جديدة للحقوق الفلسطينية
07 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
الخديعة الكبرى: كيف شرعنّت واشنطن ضم الضفة وخطّت تهجير فلسطين — ترامب مهندس المصيدة
02 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
المبادرة الأمريكية: غطاء للانتصار الرمزي للاحتلال أم اختبار للقوة الفلسطينية؟
02 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
‎استراتيجية الاحتلال الثابتة ضد الاعترافات بالدولة الفلسطينية
22 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
المطلوب من قادة العرب في قمة الدوحة
13 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
خدعة “المجانية” وواجب الانتصار الفلسطيني
12 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
ماذا ينتظر الخليج بعد الفخاخ الأربعة؟
12 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
الاغتيالات الإسرائيلية قوة متوهَّمة أم إقرار بالضعف البنيوي؟
10 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
من الأونروا إلى إمارة الخليل: استراتيجيات تفكيكالمرجعية الفلسطينية واستشراف مآلاتهام
07 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
مصر مركز الحسم في الصراع الإقليمي
07 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
تركيا بين التدخل الإقليمي ومسؤولياتها التاريخية تجاه فلسطين
05 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
منظمة شنغهاي والتداعيات المحتملة على واقع الحرب في غزة
02 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
اللاءات الأمريكية وثروة غزة، الجيوسياسة والبديل الطاقوي
30 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
غزة وتآكل القوة الناعمة الأمريكية عالمياً
28 Aug 2025