في الوقت الذي فشل "نتنياهو" في تحقيق أهدافه الإستراتيجية التي وضعها على مكتبه إبَّان حربه الإبادية والوجودية الاستراتيجية، والتي استمرَّت في عهدين وولايتين متباينتين: ولاية "جو بايدن" وولاية "دونالد ترمب" حيث إنَّ الأخير أعطى مُهَلًا ثلاثةً لـ"نتنياهو"، وذلك قُبيل اعتلاء منصب الرئاسة الأمريكية، وبُعيدَها، وعند زيارته للشرق الأوسط وما تبعها من اتفاق تمهيدي بين أمريكا وبين المقاومة الفلسطينية سيما عند تحرير الأسير مزدوج الجنسية ألكسندر؛ ليحققَ "نتنياهو" بعد ذلك أهدافَه؛ ولو كانت مشطورة، لكنه لم يفلح، الأمر الذي أزعج "ترمب".
إنَّ الغضب الأمريكيَّ سادَ بشكلٍ جعلَ الناطقين باسم “البيت الأبيض" يُخرجون للإعلام ليوضحوا موقف "ترمب" الذي نفذ صبره؛ ليضغطوا بشكل غير مسبوق على "نتنياهو".
ومن منعطفٍ آخر؛ فإننا نرى الصوت الأوروبي يزداد رويدًا رويدا، ولعلّ ذلك اتضح جليًّا في "أسبانيا" -ولها موقع من الإعراب في عالم الضغط والتأثير على الكيان- حيث استدعت سفير الاحتلال لديها كنوع من الضغط على الكيان، كما أنها تُهيؤ نفسهَا لتعليق الأسلحة وحظرها عن الكيان.
وعلى النقيض -تمامًا- يقوم "نتنياهو" بمباركة عربية، وكعادته بالتهديد لإبادة غزة، عبر مصطلح (إبادة المقاومة) والتي يرى التاريخ أن الدولة التي تقاتل الحجر والشجر وتقتل الأطفال والنساء هي دولة ضعيفة ورخيصة وميتة.
فصل القول:
بين هذه المعطيات الميدانية والمتغيرات السياسية والتأثيرات الخارجية والتصدعات الداخلية، فضلًا عن الفشل الميداني الذي أصاب جيشه وقواته الخاصة في غير مرة، أصبح "لنتنياهو" تهديداتٍ -محليا ودوليا- تجعلهُ يغير بوصلته التفكيرية، ويعيد النظر ليعود إلى طاولة المفاوضات، وتكون نهاية مطافها إنهاء الحرب، ولكن على أقل الخسائر، وفي هذه الفترة التفاوضية قد يضغط بقوة السلاح والنزوح كورقة ضغط ميدانية متزامنة مع المفاوضات.
كل المؤشرات تدلل على أن "نتنياهو" في أيامه الأخيرة، وهذا ليس من باب التفاؤل؛ ولكن قراءة للمشهد الحالي، ونظرًا لاستشراف المستقبل الذي يبين أن "نتنياهو" ما زال في المربع الأول بعد أكثر من عام ونصف وأن نسبة تحقيقه للأهداف التي حددها لا تتجاوز العُشر، كما أن الضغوط الخارجية ليست عربيةً أو مسيراتٍ شعبيةً، وإنما دولٌ من الوزن الثقيل، ومن الدول العظمى السبع، كأسبانيا وفرنسا وأمريكا، والتي سيكون لها دور بارز في التأثير على المفاوضات بشكل يعطى فرصةً جيدةً لإنهاء الحرب.














