إن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين في غاية الأهمية لأنه ترجمة عملية لإرادة وضغط وتضحيات شعوبتلك الدول المستمرة طيلة الإبادة الجماعية.
لقد دفع ذاك الضغط الشعبي بعض الدول لوقف التعاون العسكري وامتد لحقل الموسيقى ومقاطعةاليوروفيجن وطرح مناقشة الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي وقد تتمدد بقعة الزيت لأكثر من ذلك.
إن الاعتراف يعكس مدى تأثير ذلك التضامن الشعبي العريض على سياسات دولهم، وإحداث تحولاتتاريخية ومفصلية في سياسات الغرب لصالح القضية الفلسطينية، خاصة من الدول التي أسستودعمت الاحتلال في معظم المراحل وتبنت روايته.
*تجاهل الأمم المتحدة ومؤسساتها*
معروف جيداً أن الاحتلال لا يكترث بالمجتمع الدولي ولا بالنظام الدولي ومؤسساته وقراراته -باستثناءالولايات المتحدة الأمريكية- حيث كان الاحتلال يقابل كل اعتراف بالدولة الفلسطينية بالمزيد من قضمالأراضي والتنكيل بالفلسطينيين.
*حرب الاستقلال الثانية على المدنيين*
وفي سياق الاعترافات ما يحدث في غزة والضفة الغربية عبارة عن تنفيذ خطة حرب الاستقلال الثانية كماصرح بذلك نتنياهو منذ بداية ارتكابه الإبادة الجماعية، أي تدمير مدن القطاع بمن فيها وإفراغ قطاع غزةمن سكانه، ومن جهة أخرى العمل على مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية وإطلاق يد المستوطنينومن ثم فرض السيادة تدريجيا والعمل على إفراغها من سكانها لاحقاً.
لقد استمرأ الاحتلال ارتكاب كل صنوف الجرائم، فالاحتلال يعتبر تلك الجرائم من البطولات والفخر بلومن حوافز الانتشاء والتباهي وذكريات النصر الخالدة.
إن تحويل مدينة غزة كمدن وقرى فلسطين التي تم تدميرها عام 1948 وتهجير أهلها ومن ثم فرضسيادة الاحتلال ليس إلا امتداداً لميراث مستمر من الإبادة والتطهير المتواصل.
*الليكود وتهميش السلطة*
منذ البداية تبنى الليكود فكرة تهميش السلطة الفلسطينية كأساس وتعبير سياسي عن دولة مستقبليةللفلسطينيين.
هذا التهميش بدأ بعد انتفاضة الأقصى الثانية وفترة حكم أرئيل شارون، حيث دفعت سياسة الليكودوشركائه من تلك الفترة وحتى يومنا هذا إلى إنهاء أي حل سياسي وسد الأفق في وجه أية مفاوضاتوتعزيز الانقسام ومنع أي عمل للوحدة الفلسطينية في سبيل حرب الاستقلال الثانية.
تلك السياسة اليابسة البائسة فتحت الطريق إلى السابع من أكتوبر رغم محاولات بعض رؤساء الإدارةالأمريكية من قبل إنعاش مسيرة مفاوضات حل الدولتين.
*"ولا حجر"*
عقب انتخاب باراك أوباما وتوليه زمام الإدارة الأمريكية عام 2009 جلس مع نتنياهو في البيت الأبيضلمدة ساعة ليحذره من ضم الضفة الغربية وبناء أي حجر داخل المستوطنات في الضفة الغربية، ليمنحالمفاوضات فرصة لتحقيق حل الدولتين، لكن نتنياهو سرعان ما عاود البناء في المستوطنات وزيادةالبؤر الاستيطانية، واستمر في هدم أي أساس لقيام دولة فلسطينية.
*صفقة عدم الضم*
في فترة ترامب الأولى تم عقد اتفاقات أبراهام التي كانت مشروطة بعدم ضم الضفة الغربية وفرضسيادة الاحتلال.
في ذاك السياق وقفت المملكة العربية السعودية لتحذر الاحتلال من الضم الكلي للضفة الغربية أو منخلال التجزئة المعهودة من خلال ضم غور الأردن، وهددت بوقف عملية التطبيع واتفاقات أبراهام التيكانت مشروطة بعدم الضم والتزم بها الاحتلال لكنه في المقابل واصل زيادة الاستيطان في معظم مناطقالضفة الغربية.
*الخلاصة*
إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة إيجابية تدرُّجية تراكمية وتعبر عن *إدراك عالمي للفرق بينالضحية الحقيقية وبين المجرم النازي المقنع بالمظلومية والموشح بثوب الضحية* .
كما أن خطوة الاعتراف بفلسطين يجب أن يصاحبها *خطوات عملية لإنفاذ وتطبيق هذا الحل وحمايتهفي وجه ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والاستيطان والضم* .














