دولة المستوطنين
31 May 2025

"المفاوضات من أجل المفاوضات" هي العبارة التي طمأن بها وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، شمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحاق رابين، عندما وقّعت "إسرائيل" اتفاقيات أوسلو في 23 سبتمبر/أيلول 1993.

هذه هي الاستراتيجية الجديدة للحكومة الإسرائيلية لتوسيع كيانها على حساب الشعب الفلسطيني والدول المجاورة، بحجة عملية السلام.

استغلت إسرائيل ما يُسمى بعملية السلام لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية، ولإقناع المجتمع الدولي بإمكانية قيام دولة ذات سيادة، لكنها في الواقع قضت على حلم الفلسطينيين في دولة مستقلة بمصادرة أراضيهم وتوسيع المستوطنات، مستخدمةً كل الوسائل لتحقيق أهدافها، لتسريع خططها لإقامة "دولة المستوطنين" المسماة يهودا والسامرة.

قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش : " إن عام 2025 سيكون عام هدم ما بناه الفلسطينيون"، مكررًا حديثه عن أراضي الضفة الغربية قبل شهرين عندما كان على قمة جبل قرب رام الله وقال: "سنستولي على ما تبقى".

هذه سياسة جديدة انتهجتها الحكومة الإسرائيلية لإنشاء مشروع الشرق الأوسط الجديد، عبر القضاء على الوجود الفلسطيني، وتقسيم الدول، وتشجيع الحروب الأهلية. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم دوافع مالية واقتصادية لترويض الناس جيدًا وتمهيد الطريق لمخططها.

الشرعنة

اتخذت إسرائيل العديد من القرارات لتحقيق هذا الهدف:

ü   شرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية من خلال التغطية على جرائم المستوطنين لتعزيز نفوذهم.

ü   قطع عائدات المقاصة والضرائب الفلسطينية لإجبار الناس على البحث عن سبل عيش خارج الضفة الغربية، بهدف كسر صمودهم ومقاومتهم ووجودهم.

 

 تصعيد الإجراءات على الأرض بمنع الأونروا من العمل في الضفة الغربية.

تقسيم مدن الضفة الغربية من خلال العمليات العسكرية والأبراج والحواجز العسكرية المنتشرة، ناهيك عن نظام الفصل العنصري لعزل القدس عن الضفة الغربية.

هذا بالإضافة إلى العمليات الأمنية التي تنفذها إسرائيل ضد العمال الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، والذين يدخلونها من الضفة الغربية بحثًا عن لقمة عيشهم.

في الوقت نفسه، يعتدي المستوطنون الإسرائيليون يوميًا على ممتلكات وأراضي الفلسطينيين، مما يدفعهم إلى الرحيل وفقدان الأمل في إقامة دولة مستقلة ومتصلة جغرافيًا في فلسطين.

مؤخرًا، نشرت إسرائيل خريطتها على مواقع إلكترونية رسمية وغير رسمية دون ذكر الأراضي الفلسطينية، واستولت بدلًا من ذلك على أراضٍ من الأردن ولبنان وسوريا في الخريطة المفترضة.

لا نهاية في الأفق

إنها نفس الأساليب والمناسبات التي يتظاهر فيها الرؤساء الأمريكيون بأنهم يريدون تحقيق السلام في المنطقة على أساس دولة فلسطينية قابلة للحياة.

لكن خطاباتهم تتلاشى فور مغادرتهم المنطقة، كخطاب أوباما في جامعة القاهرة عام ٢٠٠٩ حين تعهّد بتحقيق حلم إقامة دولة فلسطينية، وخطاب بايدن في نهاية ولايته في سبتمبر ٢٠٢٤ حين قطع الوعد نفسه.

والآن، ينتهج ترامب السياسة نفسها، وقد امتدّ هذا التوجه إلى رؤساء دول آخرين، كالرئيس الفرنسي ماكرون الذي زار مصر في أبريل الماضي وتعهد بالاعتراف بدولة فلسطينية في يونيو. إلا أن هذه الوعود تبدو مجرد جهود علاقات عامة لتجنب أي انتقاد لمواقفهم.

والآن، ومع التصعيد في غزة والضفة الغربية، وما يرافقهما من صمت المجتمع الدولي، لا تلوح في الأفق أي نهاية لكبح جماح الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء التوترات في المنطقة.

وكتب نتنياهو في كتابه "مكان تحت الشمس" الصادر عام ١٩٩٥: "إن وادي الأردن والضفة الغربية هما جوهر الأمن القومي الإسرائيلي، ولن نتخلى عنهما أبدًا من أجل الفلسطينيين".

في 11 مايو/أيار 2025، كرّر نتنياهو نفس المبادئ قائلاً: "سنحتفظ بالضفة الغربية وحدودها مع الأردن وجميع الأراضي الخاضعة لسيطرتنا الأمنية".

وهكذا، حوّل حلم الدولة الفلسطينية إلى دولة مستوطنين، لكن التطورات الأخيرة قد تكون بصيص أمل.


المواضيع ذات الصلة
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
مفهوم المقاومة الفلسطينية وطوفانها
07 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
طوفان الأقصى عامان من الوعي المقاوم إلى ميلاد مرحلة جديدة للحقوق الفلسطينية
07 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
الخديعة الكبرى: كيف شرعنّت واشنطن ضم الضفة وخطّت تهجير فلسطين — ترامب مهندس المصيدة
02 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
المبادرة الأمريكية: غطاء للانتصار الرمزي للاحتلال أم اختبار للقوة الفلسطينية؟
02 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
‎استراتيجية الاحتلال الثابتة ضد الاعترافات بالدولة الفلسطينية
22 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
المطلوب من قادة العرب في قمة الدوحة
13 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
خدعة “المجانية” وواجب الانتصار الفلسطيني
12 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
ماذا ينتظر الخليج بعد الفخاخ الأربعة؟
12 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
الاغتيالات الإسرائيلية قوة متوهَّمة أم إقرار بالضعف البنيوي؟
10 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
من الأونروا إلى إمارة الخليل: استراتيجيات تفكيكالمرجعية الفلسطينية واستشراف مآلاتهام
07 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
مصر مركز الحسم في الصراع الإقليمي
07 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
تركيا بين التدخل الإقليمي ومسؤولياتها التاريخية تجاه فلسطين
05 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
منظمة شنغهاي والتداعيات المحتملة على واقع الحرب في غزة
02 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
اللاءات الأمريكية وثروة غزة، الجيوسياسة والبديل الطاقوي
30 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الثقافي والاعلامي
غزة وتآكل القوة الناعمة الأمريكية عالمياً
28 Aug 2025