منذ هزيمة يونيو/حزيران 1967، تبنت "إسرائيل" استراتيجيات تهدف إلى تثبيت مكاسبها الإقليمية ومعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين. *مشروع (يغئال آلون)* كان جزءاً من هذه الاستراتيجيات، *حيث سعى إلى تقديم حلول "تنموية–إقليمية" عبر تجمعات نموذجية بتمويل دولي أو تهجير اللاجئين إلى سيناء.*
ورغم طابعه البراغماتي، واجه المشروع مقـ.اومة شاملة، وانتهى إلى الفشل بسبب قضايا جوهرية ترتبط بطبيعة الصراع الفلسـ.طيني الإسرائيلي.
حيث لم يعترف مشروع آلون بالقضية الفلسطينية كحق سياسي–وطني، بل تعامل معها كونها ملف يرتبط بالسكن والإعاشة وما شابه، متجاهلاً القرارات الدولية مثل القرار 194 الذي يضمن حق العودة والتعويض. هذا التجاهل أثار رفضاً فلسطينياً واسعاً، حيث اعتُبرت المخيمات أكثر من مجرد مساكن مؤقتة، بل رمزاً لهوية سياسية متجذرة. بالإضافة إلى ذلك، اصطدم المشروع بمعارضة إقليمية حادة، خصوصًا من مصر التي رأت في توطين اللاجئين بسيناء تهديداً لسيادتها وأمنها القومي. كما كانت أهداف المشروع الأمنية والديموغرافية الرامية لتفريغ غزة وتثبيت السيطرة على المناطق الاستراتيجية عاملاً إضافياً حدّ من إمكانية حصوله على دعم دولي كبير. وفي ذات الوقت، صعود منظمة التحرير الفلسطينية وتحوّل قضية اللاجئين إلى قضية تحرر وطني أفقد المشروع أي أرضية سياسية لتنفيذه.
اليوم، تطفو بعض الأفكار التي تحمل تشابهاً مع ملامح مشروع آلون ضمن الخطاب الإسرائيلي الجديد بشأن غزة. وعليه فإن التصريحات المتكررة حول السيطرة العسكرية "إعادة الاحتلال" دون تحمل مسؤولية الإدارة المدنية تظهر خللاً واضحاً في التعامل مع القطاع. فضلاً عن ذلك، ظهور اقتراحات تهدف إلى تشجيع "الهجرة الطوعية" أو إنشاء مناطق معزولة يُعيد إنتاج النهج الذي حاول آلون تطبيقه سابقا.
وبالتالي إن التشابه بين الحاضر والماضي يكمن في تجاهل البُعد السياسي–الحقوقي للصراع الفلسطيني لصالح معالجات سطحية ذات طابع أمني وديموغرافي. مثلما واجه الفلسطينيون محاولات تحويل قضيتهم إلى شأن إسكاني في الستينات، فإن الفشل مجددًا يبدو محتملاً إذا لم تترافق الخطط الجديدة مع حلول سياسية تعترف بحقوق الفلسطينيين الأساسية. البيئة الإقليمية اليوم تحمل رفضاً واضحاً لأي مشاريع تهجير أو نقل تفرض صفعات سيادية على دول مثل مصر، لا سيما مع حساسية المجتمع الدولي تجاه التغييرات الديموغرافية القسرية.
كما أظهرت تجربة اللاجئين في الستينيات وواقع غزة الحالي، فإن تبني مقاربة أمنية بحتة دون بدائل سياسية مستدامة يؤدي عادةً لاستنزاف طويل الأمد بدل إيجاد حل ناجع. غياب قيادة فلسطينية شرعية وقادرة قد يُعمق من هذا الاستنزاف ويؤدي لتكرار أزمة مشابهة لتلك التي واجهها مشروع آلون.
وعليه يمكن استخلاص أن أي محاولة لفرض خطط جديدة تتجاهل الجذور السياسية والحقوقية للصراع الفلسطيني قد تلقى نفس المصير الذي واجهه مشروع آلون. دون حل شامل يعترف بحقوق الفلسطينيين ويستند إلى مشاركة إقليمية ودولية حقيقية في صياغة التسويات المناسبة، تبقى احتمالات النجاح محدودة للغاية.
*والسؤال الذي يطرح نفسه:*
على من تراهن إسرائيل للقيام بدور الوكيل الذي لم يكن متاحاً عام 1967 وأصبح متاحاً في 2025؟!
*أضف إلى ذلك.. كيف يجب التعامل وطنياً مع الوكيل القادم؟!*














