سُئل الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه:
*"ما السرّ يا إمام في أنّك ما قاتلتَ أحدًا إلا وقتلتَه؟"*
فأجاب بحكمة تفيض عمقًا:
👈 *"ما قاتلتُ أحدًا إلا وظنّ أني قاتله، فكنتُ أنا ونفسه عليه."*
هذا الجواب لا يشرح فقط استراتيجية الإمام في المعارك، بل يُمثل أحد أعمق المفاهيم في علم النفسالقتالي والحرب المعنوية. لقد فهم الإمام أن القتال الحقيقي لا يبدأ حين تتقاطع السيوف، بل حينترتجف النفوس أو تطمئن، تخاف أو تثق.
👈 *معنى أن تكون أنت ونفس خصمك عليه:*
في هذا القول الموجز، نكتشف مبدأ استراتيجيًا بالغ الدقة:
*الانتصار يبدأ من داخل العدو، لا من خارجه.*
فعندما يُصاب الخصم بالارتباك، حين يظن أن هزيمته حتمية، فإنه يبدأ القتال وهو مهزوم داخليًا.
لا تعود قوته الجسدية ذات نفع، ولا سلاحه يشفع له، لأن سيف اليقين الذي في نفس خصمه قد سبق.
في المقابل، إن من يُقاتل وهو يثق بأنه سينتصر، يُصبح جسده وروحه وتحركاته في حالة من التماهيالكامل مع النصر.
لا يشك، ولا يتردد، ولا يتراجع.
وتلك هي قمة الحرب النفسية: *أن توجّه ضربة إلى القلب قبل أن ترفع سيفك إلى العنق.*
👈 *الإمام عليّ ونظرية السيطرة النفسية:*
كلمات الإمام تلخص واحدة من أكثر النظريات عمقًا في الحرب النفسية:
*السيطرة على ساحة الوعي قبل ساحة الميدان.*
هو لم يكن يهزم أعداءه بقوته الجسدية فقط، بل بنفاذ بصيرته وثقته وشجاعته التي كانت تشق الطريقإلى نفس العدو فتُربكه، وتُشعره بأنه خاسر مسبقًا، فيُقاتل بيدٍ مرتجفة ونفسٍ مهزوزة.
هذا المفهوم اليوم يُشكل أساسًا في استراتيجيات الجيوش والمخابرات، بل في خطابات الزعماءوتحركات الإعلام.
فكم من جيشٍ قويّ انهزم لأن قياداته بثت الشك والخوف، وكم من مقاومة صغيرة هزمت عدواً متفوقًافقط لأنها زرعت في وعيه أنه مهزوم لا محالة.
👈 *الحرب النفسية في غزة.. تتكرر:*
في غزة اليوم، تتجلى نفس الفكرة التي قالها الإمام عليّ، لكن بشكل معكوس:
*الاحتلال يحاول أن يكون هو و"نفس الغزي" عليه.*
يحاول أن يجعل الفلسطيني يعتقد أن المعركة محسومة، أن المقاومة لا جدوى منها، وأن الانهيار قادم لامحالة.
يُحاصره بالإعلام، بالإشاعة، بالمشهد الدموي، وبالضغط الاقتصادي والمعنوي، ليهزمه من الداخل قبلأن يواجهه في الميدان.
لكن من يقاوم هذا، ويحتفظ بثقته، يثبت أن النصر قرار داخلي قبل أن يكون نتيجة مادية.
👈 *بين النفس والعدو.. من يحسم المعركة؟*
من يسيطر على نفس خصمه، هو المنتصر الحقيقي.
فقد رأينا أن الحروب تُكسب أحيانًا قبل أن تبدأ، وأن الجيوش تنهار لأن جنودها فقدوا الثقة، وليس لأنالعدو تفوق عسكريًا.
كما رأينا أفرادًا من المقاومة يصمدون وحدهم، ويقلبون المعادلة، لأنهم كانوا هم وأنفسهم معًا ضدعدوهم، بينما كان العدو هو ونفسه ضده.
👈 *ختامًا: لا تنتصر السيوف وحدها*
الدرس الأهم من قول الإمام عليّ هو أن الانتصار يبدأ من النفس.
ومن هنا، فإن من يُريد أن يربح معركة، سواء كانت سياسية أو فكرية أو عسكرية، عليه أن يتقن فنالسيطرة على المعركة الداخلية أولًا.
من يُهزم من الداخل، لا يمكن أن ينتصر في الخارج.
ومن يُنتصر في داخله، فإن كل العوائق تصبح مجرد تفاصيل.
👈 *كنتُ أنا ونفسه عليه..*
قولٌ خالد، يُلخّص آلاف الصفحات في علم النفس القتالي، ويمنحنا مفتاحًا لفهم الصمود والانتصار فيزمن تُخاض فيه المعارك على الوعي، لا فقط على الأرض














