التصق به الكذب والمكر كصفة ملازمة لا تنفك عنه، فلطالما حطم منافسيه وأغرقهم في وحل الكذب والوعود، وصغرهم أمام منافسته وأمام المجتمع الإسرائيلي عبر توريطهم أو تحشيد الاعلام عليهم.
ولا عجب أن إحدى قضايا الفساد المتهم بها هي محاولات تشويه المنافسين وبث السموم لترجح كفة الاستطلاعات والتأييد له، كما امتد الأمر لمحاسبة المنتقدين له وهو ما كشفه رؤساء سابقين وحاليين للشاباك وآخرهم المستقيل رونين بار.
تلك الألاعيب مارسها مع الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جو بايدن الذي حاول مراراً أن يتوصل لاتفاق ولو جزئي لوقف النار مع غزة، إلا أنه كان يعلم حساسية الوقت الذي يعيشه بايدن وضغوط الانتخابات التي استثمرها نتنياهو لإحراجه والهروب من استحقاق وقف الحرب أو استعادة الأسرى الإسرائيليين.
تلك الألاعيب استثمرها نتنياهو لإطالة أمد الحرب على أمل فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وتقديم الدعم اللازم وافساح المجال له لفعل ما يريد، وهو ما حصل.
وأمام تلك الرغبات قدم نتنياهو اتفاقاً مع غزة كخدعة جديدة بعنوان ترحيب يليق بترامب وفوزه إضافة إلى كون الاتفاق ابرة بنج لتهدئة الشارع الإسرائيلي وضغوط العالم عليه، وما كان منه إلا أن تهرب من الاستحقاقات وانقلب على الاتفاق بدءا من وقف المساعدات في 2 من مارس وصولاً إلى عودة الحرب في 18 من مارس بداعي أن حماس لم تقبل بالمقترح الإسرائيلي المسمى "مقترح ويتكوف".
وعلى الرغم من عودة الحرب منذ ما يقارب الشهرين واستمرار ارتكاب المجازر إلا أن نتنياهو لم يحصل على ما يريد من غزة ولم تقبل حماس بما يرغب به نتنياهو، ليتزامن الوقت مع زيارة ترامب للشرق الأوسط الذي يريد أن تكون زيارته للمنطقة ذات أثر حتى وإن كان مؤقتاً.
تلك الزيارة رافقها تصريحات تفيد بالخلاف بين ترامب ونتنياهو حول سير الحرب في غزة ونية توسيعها فيما يسميها "مركبات جدعون" بما لا يتلاءم مع طموحات السلام المزعومة التي يطلقها ترامب، وهو ما نفاه نتنياهو بقوله أن العلاقة متينة.
النفي يتعارض مع وقائع الأرض فترامب أعلن عن بدء مفاوضات مع ايران دون علم نتنياهو كما أعلن وقف الهجمات على اليمن بدون علمه أيضاً، وأخيراً إبرام صفقة مع حماس والإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر بدون علم إسرائيل.
إفراج وصفقة مع حماس لم تكشف تفاصيلها إلا أن أثرها السلبي على نتنياهو بات واضحاً وكان أكثر إحراجاً ليبدأ بإطلاق تصريحات مفادها أن الضغط العسكري وضغط ترامب الدبلوماسي وراء صفقة عيدان ألكسندر.
واستكمالاً لمسلسل الاحراج ووضع نتنياهو في الزاوية لمنع التلاعب بترامب كما فعل بالسابق بايدن، حط ويتكوف وبولر في ساحة الأسرى ب "تل أبيب" وأطلق الأخير تصريحات مفاده أن الصفقة ممكنة وعلى نتنياهو استثمار الفرصة.
كما كشفت وسائل إعلام أنباء تفيد بأن ويتكوف وضع مقترحاً جديدا سيتم نقاشه الثلاثاء في قطر يمهد لوقف الحرب على غزة، وهو ما لا يقبله نتنياهو بتاتاً.
وأمام تلك المعطيات يحاصر نتنياهو من كل الجبهات، فالجبهة الداخلية تعزز غضبها بالإفراج عن عيدان الكسندر وحزب شاس بات أقرب للانسحاب بعد الرغبة الإسرائيلية في تجنيد الحريديم واعتقال الرافضين وعلاقة ترامب بنتنياهو وطموح الأول في الحصول على جائزة نوبل للسلام.
كما أن نتنياهو يلاحقه شبح السجن وانهيار الحكومة أمام استحقاق وقف الحرب بعد تهديدات سموتريتش وبن غفير وما يترتب على وقف الحرب من البدء بالتحقيق الرسمي في فشل السابع من أكتوبر وسير الحرب وعودة الأسرى وموت عدد كبير منهم وجدوى تلك الحرب ومدى تحقيقها للأهداف.
وأمام تجربة الحرب فإن نتنياهو وجد حلولاً للهروب من الأزمات بتفجير أزمات جديدة فإن كان ترامب وإدارته جادة في انهاء الحرب على غزة، فما الخيار الذي سيبحث عنه نتنياهو ويغامر بعلاقته مع واشنطن من أجله، أم أن إرضاء نتنياهو بصفقة تنتهي ملفات الفساد مقابل الاستقالة ستكون حاضرة في الحلول الغير واضحة.














