أولًا: مقدمة
يُعتبر المشهد الثقافي والفني الغربي أحد أهم ميادين الصراع على الوعي الدولي بشأن فلسطين. وبينما تلتزم قطاعات واسعة من هوليوود بسياسات السوق أو الضغوط السياسية، تبرز شخصيات استثنائية كسوزان ساراندون، التي اختارت أن تحوّل نجوميتها الفنية إلى منصة لقول الحقيقة، ولو على حساب مستقبلها المهني.
ثانيًا: السيرة الفنية في سياقها
سوزان ساراندون (1946– ) ممثلة أمريكية حائزة على جائزة الأوسكار، برزت منذ السبعينيات وحتى اليوم بأدوارها الرمزية في أفلام مثل Thelma & Louise وDead Man Walking. وقد تميزت بأداء شخصيات نسائية تقاوم الظلم، ما جعلها مرتبطة بفكرة الحرية والتمرد على القهر. هذا البعد الفني شكّل أساسًا لمواقفها السياسية اللاحقة.
ثالثًا: الموقف من القضية الفلسطينية
1. المشاركة الميدانية:
• انخرطت في مظاهرات مؤيدة لفلسطين في نيويورك، رفعت فيها شعارات العدالة وحرية الشعب الفلسطيني.
• وقفت بجانب نشطاء وطلبة فلسطينيين في الجامعات الأمريكية.
2. الحملات الإعلامية:
• شاركت في حملة Voices for Gaza، حيث قرأت رسائل من فلسطينيين تحت القصف، مسلطة الضوء على الكارثة الإنسانية في غزة.
• وقّعت ضمن أكثر من 380 شخصية سينمائية على رسالة تدين ما وصفته بـ “الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني”.
3. المطالبة بوقف إطلاق النار:
• من أبرز الوجوه الفنية الداعية علنًا لوقف الحرب على غزة.
4. الثمن المهني:
• تصريحاتها التي شبّهت ما يعيشه اليهود في أمريكا بما يعانيه المسلمون من اضطهاد أثارت جدلًا واسعًا، فقوبلت بحملة إلغاء قاسية أدت إلى فقدانها وكالتها الفنية وخسارة أدوار مهمة.
• رغم اعتذارها عن “سوء الصياغة”، إلا أنها تمسكت بجوهر موقفها الداعم لفلسطين.
رابعًا: قراءة تحليلية
• البعد الرمزي:
تمثل ساراندون نموذج “الفنان الملتزم”، الذي يتجاوز دوره الترفيهي ليكون شاهدًا على الظلم.
• الجدوى السياسية:
أصوات مثل ساراندون تعزز الرواية الفلسطينية في الغرب، وتمنحها مصداقية إنسانية وسط حملات التشويه الإعلامي.
• المخاطر والتحديات: اللوبيات الصهيونية في هوليوود تحاول تهميش هذه الأصوات عبر الضغوط الاقتصادية والمهنية.
خامسًا: التوصيات
1. بناء شبكات دعم وتشجيع التواصل مع فنانين وناشطين عالميين يتبنون مواقف مماثلة لساراندون، وتشكيل جبهة ثقافية تضامنية.
2. تعزيز الرواية الإنسانية باستخدام مشاركاتها (مثل قراءة الرسائل الفلسطينية) كأدوات لإبراز المأساة الإنسانية بعيدًا عن لغة السياسة الصلبة، ما يزيد من تأثيرها على الرأي العام الغربي.
3. توظيف المنصات البديلة كاستثمار الإعلام الرقمي المستقل لنشر رسائل التضامن القادمة من شخصيات مثل ساراندون، بما يحد من محاولات إسكاتها في الإعلام السائد.
4. تثمين الشجاعة وإبراز قصتها كنموذج للفنان الذي دفع ثمنًا مهنيًا مقابل قول الحقيقة، لتحفيز آخرين على تجاوز حاجز الخوف من فقدان الامتيازات.
سوزان ساراندون ليست مجرد ممثلة أمريكية بارزة؛ إنها شاهد عالمي على أن القضية الفلسطينية تجاوزت حدود الشرق الأوسط لتصبح قضية ضمير إنساني كوني. إن استثمار حضورها ومواقفها يشكل فرصة استراتيجية لتعزيز الرواية الفلسطينية في قلب الغرب، حيث يُصاغ جزء كبير من الرأي العام العالمي.














