حرب "إسرائيل الأمريكية" على بعبع إيران.. ما دواعي مشاركة أمريكا في الحرب؟وهل ستُنقذُ أمريكا الكيان عسكريًّا أم تفاوضيًّا؟. تقديرات وسيناريوهات
24 Jun 2025

مقدمة

بعد الحرب على غزةَ والتي امتدت لأكثرَ من 600 يوم لم يحقق الكيانُ أهدافَه الأربعةَ المعلنة؛ ولكن حتى يكون الأمر أكثر واقعية لابد من الإشارة إلى أنَّ ما أصابَ غزة من تدمير للبِنى التحتية والفوقية، واغتيال لقادة الصفوف الأولى من المقاومة الفلسطينية، وارتقاء آلاف الشهداء، وعشرات آلاف الجرحى يُعدُّ ضريبةً باهظةَ الثمن مقابل طوفان السابع من أكتوبر، تصل إلى درجة الشلل في الحياة الإنسانية بمجالاتها كلِّها. وهذا لا شكَّ يضعفُ المقاومةَ الفلسطينية -حتى وإن لم تنهزم أو لم يحقق العدو أهدافه الإستراتيجية المعلنة.

ومن هنا رأى الكيانُ أنه وبعد تفكيك جزء من قدرات المقاومة الفلسطينية في غزة، وكذا المقاومة اللبنانية المتمثلة في "حزب الله" حيث أحالَه إلى العمل الحكومي، والانخراط في السلك السياسي، حينها جعل الكيان يفكر في "الخطر التالي" فكان التفكير صوب إيران، حيث يراها بمثابة "الأمين العام لمحور المقاومة".

ومن زاوية أخرى أراد "نتنياهو" ألا يترك فراغا سياسيا أو عسكريا، سيَّما بعد فشله في المحاولات التفاوضية الأخيرة عبر وثيقة "ويتكوف".

وكذا فشله في عملية "عربات جدعون" لينتقل بحربه إلى إيران، كحرب جديدة بمكان جديد وعمر جديد وهدف استراتيجي جديد وليكون بهاتين الحربين "هتلر العصر".

وحسب قراءة المشهد وترجمةً للأحداثِ الراهنة فإنَّ "نتنياهو" لجأ إلى هذه الحرب على إيران لتكون له فرصةً جديدةً له ليصطفَّ خلفه مؤيدوه ومعارضوه؛ وبالتالي يحافظُ على عرشِه الحكوميّ ومستقبله السياسيّ ـولو مؤقتا.


🏷️الحرب على إيران..محاولات الردع والهيمنة.

لا شك أن الحرب على إيران لم تكن -منذ انطلاقتها- من قبل الكيان لوحده؛ بل بالإمكان القول: حرب الكيان- الأمريكي على إيران، ذلك أنّ "الولايات المتحدة" كانت السّندَ المتصل منذ الحرب على غزة، فضلا عما قاله "دونالد ترمب" بأنه على علمٍ مسبق بنية هجوم الكيان على إيران، بمعنى آخر هو ضوء أخضر يمنحه الأمريكي للكيان.


🏷️ما دواعي انخراط أمريكا -فعليا- بالهجوم على منشئات نووية خطيرة؟.

بعدما ساندت أمريكا حليفها في الشرق الأوسط -الكيان المحتل- وفشلت في هجومه على إيران بعد عشرة أيام، قامت أمريكا كـ"إنقاذ موقف" وإسعاف الكيان بعد الردود البالستية الإيرانية على الكيان التي أصابت كثيرًا من أهدافها، فضلًا عن أنَّ الأهداف المرجوة في بنك الأهداف لدي الكيان وأمريكا وهي: القضاء على القدرات الصاروخية البالستية والقضاء على البرنامج النووي، والأهداف الخفية التي ظهرت مؤخرا وهي: إسقاط النظام الإيراني، ومحاولة الإنقلاب على الحكومة الإيرانية، كل ذلك لم يتحقق بعد، الأمر الذي أجبر أمريكا على استخدام الخيار العسكري.


🏷️من إلى النصر أقرب؟

قبل الحديث عن المنتصر في الحرب على إيران لا بد من الحديث عن النصر الذي حققه الكيان في قطاع غزة إذ إنه وبعد ما يربو على 600 يوم لم يحقق الكيان أهدافه الإستراتيجية المعلنة، وأنَّ القاعدةَ السياسيةَ تقول: "القوي الذي لم ينتصر مهزوم والضعيف الذي لم ينهزم منتصر"، فهذا دليلٌ على عدم انتصار الكيان في غزة، ومن هنا -ومن باب أولى- لا يمكن أنْ ينهزم البعبعُ الايرانيُّ بقوته الجوية والفرط صوتية وصواريخه البالستية وبرامجه النووية وجغرافيته الواسعة، وهو إمبراطورية لها أياد وأرجل خارج الجمهورية الإيرانية -فضلًا عن قوتها الداخلية.

وحسب تحليلات الواقع فإن الضرباتِ الثلاثةِ على المنشئات النووية الخطيرة في : "نطنز وفوردو وأصفهان" لم تصل إلى الخطر المحدق الذي قد يُسقطِ القوةَ الصاروخية والنووية لدى إيران.


🏷️سيناريوهات المرحلة المقبلة:

بعد المشاركة الأمريكية الحقيقية والصريحة في حربها على إيران أضحت الأمور حول ثلاثة سيناريوهات قريبة من الواقع وهي مرتبة حسب الأكثر توقعا واستشرافا وربطًا بالواقع وقبولًا بالمنطق.


1-مشاركة أمريكية "قنبلية" محدودة، ثم عودة للمفاوضات.

حسب المعطيات الميدانية والمؤشرات الواقعية لدي أمريكا وفي قلب إيران؛ فإنَّ المنشئات الثلاث وهي أخطرها في إيران لم تتضرر بالشكل الذي يقلقل الجمهورية ككل في برامجها النووية والبالستية .

وبالتالي، وبعد الضربات القنبلية الأمريكية والضربات الأمنية والعسكرية من قبل الكيان وتصفية علماء نووين من الوزن الثقيل من قِبَل "منتدى قطع الرؤوس " التابع للكيان، أصبح الآن النزول من قمة الجبل والهبوط كعودة إلى طاولة المفاوضات فهو الأكثر منطقية وواقعية.


2- حرب إقليمية جزئية تنذر بإشعال المنطقة بأسرها.

الحرب الإقليمية متوقعة ولكن ليست بدرجة كبيرة فإن أمريكا لن تساندها دول إقليمية أو دولية لإضعاف إيران وهزيمتها ذلك أن إيران لها حلفاء مثل باكستان وروسيا وغيرهما.


3- نجاح كبير لأمريكا تضعف إيران ثم تنتقل لدول أخرى إسلامية ثم عربية.

هزيمة إيران في هذه الحرب لها ما بعدها؛ لأنه سيكون الدور على "الخطر التالي" وهي باكستان وتركيا، ومن ثم مصر والسعودية وغيرها، حتى لا تكون هناك كلمة أو قدرات عربية أو إسلامية وتكون الكلمة العليا لأذرع أمريكا مثل الكيان في الشرق الأوسط.


🏷️الخلاصة:

إن "نتنياهو" وجيشه -وحتى ترمب وجيشه- يعلمون -جيدًا- أنَّ الحربَ على بعبع إيران لن تصبه في مقتل، ولا يمكن القضاءُ على القدرات الصاروخية البالستية والبرنامج النوويّ بهذا الشكل، وأن تحقيق الأهداف هذه تحتاج إلى ضرائب باهظة جدا من قبل أمريكا تتمثل في احتلال إيران واستغراق سنوات كثيرة وحرب إقليمية وعالمية لتحقق هذه الأهداف، ولعل الجيش الأمريكي قبل لحظات من المعركة الأمريكية الصاروخية على إيران اختلف مع ترمب نفسه بأن هذا الهجوم غير قابل للقياس ولا يمكن تحقيقه بعد المعلومات المسبقة والمؤكدة بأن هذه المنشئات النووية تعمل تحت الأرض وفوقها صخور جيرية وجبال لا تفلح معها أم القنابل "قنبلة P2" ، أو غيرها.

ومن زاوية أخرى وبعد التهديدات الأمريكية التي وصلت من قبل أطراف أوروبية احتاطت إيران بسلاحها النووي والذري وكانت لديه الفرصة لحماية منشئاتها النووية من أي تهديد قادم ولعل أضرارها غير الخطيرة في الهجوم الأمريكي يؤكد ذلك.


🏷️خيارات إيران:

ليس لدى إيران خيار سوى الدفاع عن النفس وإن طال الرد الأمريكي وزاد حدته فلن يكون أمام إيران سوى:

 *الردود العسكرية بالضغط الصاروخي الفرط الصوتي والبلاستي على الكيان كرسالة انتقامية لأمريكا والكيان.


*إغلاق باب هرمز كرسالة قوية للضغط على أمريكا.


*طرد المفتشين المعينين من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. 


*الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار.


*تفعيل "أذرعها وأجنحتها الخارجية" المتمثل في محور المقاومة.


🏷️موقف محور المقاومة:


🔻اليمن:

 أعلن الحوثي يوم أمس أنه سيدخل على الخط الأحمر إن شاركت أمريكا في الحرب على إيران، ومعلوم أن للحوثي قدرات وأوراق قوة يستخدمها كنوع من الضغط على أمريكا باستخدام البحر الاحمر وإغلاق باب المندب.


🔻حزب الله: 

من المتوقع بل من المفترض أن يشارك حزب الله كنوع من الإسناد لإيران بحكم دعمها ومساندتها الدائم لها. وذلك من خلال إعادة التهديد في شمال فلسطين كنوع من الضغط العسكري على الكيان لإيقاف نزيف الحرب على إيران.


🔻المقاومة في غزة:

من المتوقع أن تقتنص المقاومة الفلسطينية في غزة الفرصة لإعادة هيكلتها واستثمار الوقت لتقوية قدراتها الأمنية والعسكرية، وتجهز كمائن الأنفاق كنوع من الضغط العسكري على الكيان لتسريع فرصة إيقاف الحرب على غزة وإيران.


🏷️التوصيات:

بعد قراءة الواقع وتحليل المشهد يوصي الكاتب بما يلي:

*استثمار المقاومة الفلسطينية الوقت لصالحها من خلال إعادة الهيكلة العسكرية وتحصين قوتها العسكرية والأمنية وتجهيز ما يلزم من كمائن ضد العدو.


*إعادة نشر الوعي بقدرات المقاومة الفلسطينية والقوة الصاروخية البالستية الإيرانية وأن الكيان وأمريكا ليستا أصحاب العولمة كما في السابق حينما كانت تنتصر على الدول في ساعات وأيام.

المواضيع ذات الصلة
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
الخديعة الكبرى: كيف شرعنّت واشنطن ضم الضفة وخطّت تهجير فلسطين — ترامب مهندس المصيدة
02 Oct 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
المطلوب من قادة العرب في قمة الدوحة
13 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
الاغتيالات الإسرائيلية قوة متوهَّمة أم إقرار بالضعف البنيوي؟
10 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
مصر مركز الحسم في الصراع الإقليمي
07 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
منظمة شنغهاي والتداعيات المحتملة على واقع الحرب في غزة
02 Sep 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
من غيتو وارسو إلى غيتو رفح: مخطط الاحتلال لقتل وتهجير أهل غزة
24 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
جسراً للعبور لا سلماً للنزول
19 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
إسرائيل الكبرى": من الأساطير التوراتية إلى خرائط الهيمنة على الجغرافيا العربية
16 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الإقتصادي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي| المقال القانوني
بين برلين وغزة وفارق المساعدات الجوية
07 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
حين تُصبح المساعدات سلاحًا ضد الحقيقة قراءة في قرار ترامب وانهيار الرواية الصهيونية في الداخل الأميركي
05 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
الحربُ الخمسيَّة على غزة وتبادل الأدوار لمَ هذا والمستهدَفُ جائعٌ وأعزل؟!
03 Aug 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
قطاع غزة: بين ازمة المثقف الفلسطيني والعربي
31 Jul 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
ملاحظات حول مؤتمر نيويورك للاعتراف بالدولة الفلسطينية
31 Jul 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الإقتصادي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
‎الولايات المتحدة وتأجيج الصراعات الإثنية والقومية: تكتيك جيوسياسي لكبح الصين وتطويق الخصوم
27 Jul 2025
director
المقال الاجتماعي النفسي| المقال السياسي| المقال الأمني والعسكري| المقال الثقافي والاعلامي
طوفان الأقصى وتجلّيات القرار المصيري: قراءة معرفية في لحظة الحسم الفلسطيني
06 Jul 2025