الهوية السياسية لفلسطينيي أراضي عام 1948 بين المواطنة والانتماء
تعتبر قضية الهوية السياسية للعرب الفلسطينيين في أراضي عام 1948 من أكثر القضايا المعقدة التي تأخذ طابع التحدي كونها تندرج تحت مفهومي المواطنة والانتماء الوطني. فهم في صراع دائم بين الانصهار الكامل مع واقع فُرض عليهم منذ قرار التقسيم في تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 وبعدها نكبة فلسطين وإعلان قيام دولة الإحلال -إسرائيل- في 15 أيار/مايو 1948 ومنذ ذلك الوقت وهم في كابوس طويل لم يحن بعد موعد استفاقتهم منه حيث تم وبقرار دولي انتزاع جذورهم من أرضهم فلم يعد لهم وطن وأصبحوا أقلية بعد أن كانوا الأكثرية بلا أدنى حقوق للمواطنة يتحكم في مصيرهم دخيل.
وتأخذ قضية الهوية والانتماء لأمثال هؤلاء طابع التحدي والتشبث في أرض قد تم تغيير ملامحها بالحرب والتهجير فهي قضية وجودية بامتياز، حيث يتقاطع فيها الانتماء الوطني إلى فلسطين أرضاُ وتاريخاً وانتمائهم كمواطنين في الدولة العبرية.
المواطنة والهوية الفلسطينية
يعتبر الفلسطينيون الذين يعيشون في أراضي عام 1948 جزءًا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء العالم وإن حصل بعضهم على الجنسية الإسرائيلية أو لربما إقامة دائمة في تلك الدولة بمزاياها المنقوصة مقارنة بغيرهم من اليهود أو لربما يسمح لهم وضمن شروط معقدة المشاركة في الحياة السياسية والانتخابات البرلمانية الإسرائيلية.
ومازالوا يواجهون تحديات في الحفاظ على هويتهم الفلسطينية والتمسك بالقضية الوطنية إذ يشترط لمن يرغب بالتواجد السياسي والمشاركة البرلمانية الكثير من القيود وزادت تلك القيود بعد انتفاضة ال
أقصى في عام 2000 بشكل ملحوظ فقد منع من المشاركة السياسية كل زائر لدولة معادية من وجه النظر الإسرائيلية أو يثبت دعمه وتأييده للحق الفلسطيني مع وجوب إقراره بالحق اليهودي في فلسطين وشرعية دولتهم عليها فكان ملاذ الغالبية لخوض غمار المعترك السياسي بالانضمام للحزب الشيوعي وغيرها من الأحزاب التي تمنحهم بنوع من الشراكة السياسية يسمح بنوع من الوسطية في إمكانية التعايش بين أضداد المجتمع من عرب ويهود ومع كل أشكال استحالة الانسجام بينهما في ظل التمييز والتهميش الاجتماعي والاقتصادي الممارس ضد العرب .
كما ويعاني العربي في إسرائيل من صعوبة التعبير عن هويته الفلسطينية كونه من القلة التي بقيت بمواجهة مباشرة مع كيان وجد لتذويب وجوده من خلال تهجير النخب والقامات الاجتماعية الأكثر قدرة على التعبير عن هويتهم من مفكرين وكتاب وسياسيين بالإضافة لرجال الأعمال وأصحاب النفوذ الذين غادروا بلادهم قسرا بفعل التهجير الممنهج الممارس ضدهم.
وواقع الأمر يعتبر الفلسطينيون في أراضي عام 1948 جزءًا من المجتمع الإسرائيلي ويشكلون ما نسبته 21% من سكانه تطور وجودهم من مجرد أقلية لا مستقبل لهم إبان احتلال فلسطين تتبع مجبرة الكيان الجديد في كل شؤونهم الحياتية من اقتصاد وتعليم وصحة وثقافة إلى كيان أقوى بعد استثمار أداة التعليم فبرز العديد من الرموز السياسية العربية التي أثبتت نفسها في مجتمع ألغى وجودهم وأصبحوا قادرين على التصريح بحقهم على أرضهم برغم احتلالها.
مع ما تدعيه إسرائيل بتمتعهم بالحقوق والحريات نفسها كالمواطنين الإسرائيليين اليهود والواقع يثبت عكس ذلك.
وهناك العديد من التحديات التي تواجه الفلسطينيين في أراضي عام 1948
أبرزها التمييز والتهميش الاجتماعي من قبل المجتمع الإسرائيلي اليهود واعتبار العرب مواطنون درجة خامسة أ أقل فالتغييرات الديموغرافية أثرت تأثيراً عميقاً في مكانة فلسطينيي عام 1948السياسية. بعد تدهور قوتهم الوجودية والديموغرافية والسياسية الكامنة بسبب الانخفاض الحاد في عددهم، نتج عنه ضعف قدرتهم على استرداد عافيتهم السياسية بسبب هجرة قياداتهم والانخفاض الحاد في الأساس العددي الذي يتيح نمو قيادة جديدة. والعزلة المفاجئة التي شعر بها سكان القرى منهم كونهم اعتادوا على التعامل مع سلطات الانتداب من خلال وساطة العائلات العربية المدنية نسبة لسكان المدن، من دون شبكة الصلات والعلاقات التي كانت قائمة ومتعارف عليها.
* صعوبة في الحفاظ على الهوية الفلسطينية والتعبير عنها بحرية
حيث تم فرض الحكم العسكري منذ قيام دولتهم ضد العرب منذ قيام دولة الاحتلال الذي يكبح جماح أي مقاومة أو تشبث بفلسطينية الانتماء والهوية لدى العرب وإقرار قوانين وفرض عقوبات لمن يصرح بحقيقة انتمائه وبرغم إلغائه بعد 18عام من قيامها إلا الواقع يثبت استمراره وظهر ذلك جلياً خاصة في حرب الإبادة الجارية على قطاع غزة كيف يتم ملاحقة كل من يعبر عن موقفه الداعم أو المتعاطف مع الأبرياء التي يمارس ضدهم أبشع ألوان القتل والتشريد والتجويع وتدمير واضح لحقيقة وجودهم على هذه الأرض من قبل العرب الفلسطينيين ضمن الدولة العبرية.
وعليه فقد حرصت السلطة الإسرائيلية على بقاء هذه الأقلية العربية مشتتة بقطع أواصر الارتباط بين تكتلاتها الأربع([1]) للحيلولة دون تواصل إقليمي فيما بينها، ضمن خطط سياسية مرسومة مع تكثيف التواجد اليهودي من مستوطنات لزيادة التفكيك الحاصل بين تلك المجتمعات العربية مجتمعاتها صحيح أن هذا التشتيت كان نتيجة أحداث سياسية، لكنه كان أيضاً نتيجة سياسة مرسومة.
* قيود على ممارسة الحقوق الوطنية والثقافية الفلسطينية.
ولربما من أبرز الحقوق المكفولة في أي دولة تدعي ديمقراطيتها حرية التعبير والتعلم لكن الحال مختلف تماماً فما يواجهه سكان الدولة العبرية من العرب من أسرلة المناهج وتفريغ تلك المناهج من أي انتماء وطمس لهوية الفلسطيني على أرضه ومحاولة تطويع كل الوسائل لسلخه عن تاريخه وتشويه الثقافة الصحيحة وبث ما يخدم برنامجهم الإحلالي الاحتلالي كما برز التدخل الصريح في معايير اختيار المعلم المنسلخ عن هويته الفلسطينية ومحاولة تربية النشء على تقبل المحتل والتنكر لهويتهم الأم والتحرر من أي انتماء فلسطيني مما يقيد نتيجة لذلك ممارسة أي حق وطني مشروع.
ومع بقاء هذا الطويل بين الحق الفلسطيني والكيان ستستمر أشكال التفتيت خوفاً من قوة اتحاد تهدد وجوده .
([1])1- الجليل الأوسط (47% من عرب إسرائيل)، ويضم نحو 60 قرية (وما يزيد على 10 قبائل من البدو)، ذات تواصل إقليمي، ولها مركزان مدينيان: الناصرة وشفا عمرو. لكن ليس لهذا التجمع السكاني العربي أية علاقات اقتصادية تقريباً بالتجمعات السكانية.
2- قرى المثلث الصغير والقرى المعزولة (20% من عرب إسرائيل)، وتشكل قطاعاً ضيقاً على طول حدود إسرائيل الشرقية.
3- بدو النقب (8%) الذين لا صلات اقتصادية لهم بالتجمعات السكانية العربية الأخرى، ومركزهم المديني هو بئر السبع وسوق البدو فيها.
4- المدن العربية – اليهودية المختلطة (حيفا، وعكا، وتل أبيب – يافا والرملة، واللد)، ويشكل العرب فيها 7% من عدد السكان العرب في إسرائيل.














